الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.(في إجَارَةِ العبد بإذن سَيِّدِهِ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهُ شَهْرًا بِعَيْنِهِ): قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت عَبْدًا يَخْدُمُنِي شَهْرًا بِعَيْنِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَرِضَ في هَذَا الشَّهْرِ قَضَانِي في شَهْرٍ غَيْرِهِ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَيَّامَ تَخْتَلِفُ لَيْسَ أَيَّامُ الصَّيْفِ كَأَيَّامِ الشِّتَاءِ، فَهَذَا الشَّهْرُ إنْ كَانَ في أَيَّامِ الصَّيْفِ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَتَمَادَى بِهِ في الْمَرَضِ إلَى أَيَّامِ الشِّتَاءِ وَإِنْ كَانَ في أَيَّامِ الشِّتَاءِ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَتَمَادَى بِهِ الْمَرَضُ إلَى أَيَّامِ الصَّيْفِ فَهَذِهِ الْإِجَارَةُ لَا خَيْرَ فيهَا. .في الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ الْحَائِطَ لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ الْخَشَبَةَ: قَالَ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا وَأَرَى الْإِجَارَةَ فيهِ جَائِزَةً. قُلْت: وَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يَأْخُذُ بِهَذَا الْحَدِيثِ «لَا يَمْنَعْ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خَشَبَهُ عَلَى جِدَارِهِ؟» قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَقْضِيَ بِهَذَا الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدِي عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ بَيْنَ النَّاسِ. .في الرَّجُلِ يَسْتَأْجِر الْأَجِيرَ يَجِيئُهُ بِالْغَلَّةِ: قَالَ: نَعَمْ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ حِينَ اسْتَأْجَرَهُ خَرَاجًا مَعْلُومًا. قُلْت: فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ خَرَاجًا مَعْلُومًا وَلَكِنَّهُ وَضَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ خَرَاجًا مَعْلُومًا أَيَصْلُحُ أَمْ لَا؟ قَالَ: إنْ كَانَ إنَّمَا وَضَعَ عَلَيْهِ خَرَاجًا مَعْلُومًا فَإِنْ هُوَ لَمْ يَأْتِهِ بِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ لَهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ الْغِلْمَانَ الْحَجَّامِينَ عَلَى أَنْ يَأْتُوهُ بِالْغَلَّةِ أَيَصْلُحُ هَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَسْتَأْجِرْهُمْ عَلَى أَنْ يُضَمِّنَهُمْ خَرَاجًا مَعْلُومًا وَلَمْ يَقُلْ لِي مَالِكٌ حَجَّامًا مِنْ غَيْرِ حِجَامٍ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا نَرَى بَأْسًا بِاسْتِئْجَارِ الرَّجُلِ الْأَجِيرِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِيَدَيْهِ أَوْ عَلَى دَابَّتِهِ فيعْطِيَهُ مَا كَسَبَ إذَا بَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ حِينَ يَسْتَأْجِرُهُ. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَصْلُحُ أَنْ يَضْرِبَ لَهُ خَرَاجًا مُسَمًّى وَلِيَسْتَعْمِلَهُ بِأَمَانَتِهِ وَإِنْ أَعْطَاهُ دَابَّةً يَعْمَلُ عَلَيْهَا. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُكَ بِكَذَا وَكَذَا عَلَى أَنْ تُخْرِجَ لِي كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ. وَقَالَ مَالِكٌ في الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ الرَّجُلَ سَنَةً يَعْمَلُ لَهُ في السُّوقِ بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ كُلَّ يَوْمٍ بِثَلَاثِ دَرَاهِمَ. قَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَلَّفَهُ دَنَانِيرَ في فِضَّةٍ إلَى أَجَلٍ إنْ كَانَ الَّذِي يُعْطِيهِ الْأَجِيرَ فِضَّةً، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يُعْطِيهِ حِنْطَةً فَإِنَّهُ سَلَّفَهُ في حِنْطَةٍ بِغَيْرِ سِعْرٍ مَعْلُومٍ، وَلِأَنَّ الثُّلُثَ يَخْتَلِفُ فيكْثُرُ وَيَقِلَّ إنْ رَخُصَ السِّعْرُ كَثُرَ وَإِنْ غَلَا السِّعْرُ قَلَّ، وَهَذَا غَرَرٌ، وَقَدْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ». ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ في رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا وَاشْتَرَى حِمَارًا: فَأَمَرَ أَجِيرَهُ أَنْ يَعْمَلَ عَلَيْهِ وَضَرَبَ عَلَى ذَلِكَ الْأَجِيرِ خَرَاجًا كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمًا قَالَ رَبِيعَةُ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا، ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ حِمَارًا لِيَعْمَلَ عَلَيْهِ أَوْ سَفينَةً يَخْتَلِفُ فيهَا أَوْ شِبْهُ ذَلِكَ وَضَرَبَ عَلَيْهِ في ذَلِكَ ضَرِيبَةً كَانَ ذَلِكَ حَلَالًا إذَا اسْتَقَلَّ بِذَلِكَ الْأَجِيرُ وَلَكِنْ لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ إنْ نَقَصَ. .في الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ الْمَرْأَةَ الْحُرَّةَ أَوْ الْأَمَةَ: قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ تُعَادِلُ الرَّجُلَ في الْمَحْمَلِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مَحْرَمٌ فَكَرِهَ ذَلِكَ، فَاَلَّذِي يَسْتَأْجِرُ الْمَرْأَةَ تَخْدِمُهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا مَحْرَمٌ وَلَيْسَ لَهُ أَهْلٌ وَهُوَ يَخْلُو مَعَهَا أَشَدُّ عِنْدِي كَرَاهِيَةً مِنْ الَّذِي يُعَادِلُ الْمَرْأَةَ في الْمَحْمَلِ. .في الرَّجُلِ يُكْرِي عَبْدَهُ السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ: قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يُكْرِي غُلَامَهُ السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ الْخَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فَالدَّارُ أَبْيَنُ وَآمَنُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي اكْتَرَيْت مِنْ الرَّجُلِ عَبْدًا عَشْرَ سِنِينَ أَيَجُوزُ هَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْهُ فَقَالَ مَالِكٌ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَفْعَلُهُ وَمَا أَرَى بِهِ بَأْسًا. قُلْت: فَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ عَشْرَ سِنِينَ فَأَكْرَاهُ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ عَشْرَ سِنِينَ أَيَجُوزُ هَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْعَبِيدِ السِّنِينَ الْكَثِيرَةَ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ لِمَا في الْحَيَوَان مِنْ الْحَوَالَةِ وَالنَّقْصِ، وَهُوَ في الدَّوَابِّ أَبْيَنُ غَرَرًا وَالدَّوَابُّ لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا الْأَمَدَ الْبَعِيدَ لِاخْتِلَافِ حَالِهَا وَهِيَ دُونَ الرَّقِيقِ وَشَيْءٌ آمَنُ مِنْ شَيْءٍ. .في الْمُسْلِمِ يُؤْجِرُ نَفْسَهُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ: قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْمُسْلِمِ يَأْخُذُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ مَالًا قِرَاضًا فَكَرِهَ ذَلِكَ لَهُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدْ كَرِهَ ذَلِكَ وَلَا أَرَى مَالِكًا كَرِهَ ذَلِكَ إلَّا مِنْ وَجْهِ الْإِجَارَةِ وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ أَنْ يُؤَاجِرَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ آجَرَهُ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ يَحْرُسَ لَهُ هَذَا الْمُسْلِمُ زَيْتُونَهُ أَوْ يَحْرُثَ لَهُ أَوْ يَبْنِيَ لَهُ بُنْيَانًا؟ قَالَ: أَكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ في خِدْمَةِ هَذَا النَّصْرَانِيِّ. .في الْأَجِيرِ يَفْسَخُ إجَارَتَهُ في غَيْرِهَا: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ، يَكُونُ إنَّمَا آجَرَهُ نَفْسَهُ في الْخِيَاطَةِ الْيَوْمَ وَنَحْوَهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ أَنْ يُحَوِّلَ تِلْكَ الْإِجَارَةَ في غَيْرِهَا مِنْ الْأَعْمَالِ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ وَنَحْوَهُ لَا يَكُونُ دَيْنًا في دَيْنٍ، فَإِنْ كَثُرَتْ الْإِجَارَةُ حَتَّى تَصِيرَ الشَّهْرَ وَمَا أَشْبَهَهُ فيحَوِّلَهَا في غَيْرِ ذَلِكَ الْعَمَلِ كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ بِالدِّينِ، فَلَا يَصْلُحُ في قَوْلِ مَالِكٍ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى رَجُلٍ مِنْ عَمَلٍ أَوْ مَالٍ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحَوِّلَهُ في غَيْرِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَالْمَالِ، فَإِنْ حَوَّلَهُ كَانَ كَالِئًا بِكَالِئٍ وَقَدْ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ». .(في الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ الْأَجِيرَ فيؤَاجِرَهُ مِنْ غَيْرِهِ): قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت عَبْدًا يَخْدُمُنِي فَآجَرْته مَنْ غَيْرِي أَيَجُوزُ هَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: إنْ آجَرْتَهُ في مِثْلِ عَمَلِهِ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ لَكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت عَبْدًا لِلْخَيَّاطَةِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْتَعْمِلَهُ غَيْرَ الْخِيَاطَةِ؟ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْيَوْمُ وَمَا أَشْبَهَهُ إذَا كَانَ الشَّيْءَ الْقَرِيبَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ فَلَا خَيْرَ فيهِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ شَيْءٌ حَوَّلَهُ في شَيْءٍ لَا يَقْبِضُهُ مَكَانَهُ فَلَا خَيْرَ في ذَلِكَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت عَبْدًا لِلْخِيَاطَةِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا وَكَذَا أَيَكُونُ لِي أَنْ أَسْتَعْمِلَهُ غَيْرَ الْخِيَاطَةِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَسْتَعْمِلَهُ إلَّا في الْخِيَاطَةِ. قُلْت: فَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ غَيْرَ الْخِيَاطَةِ فَعَطِبَ أَأَضْمَنُ أَمْ لَا؟ قَالَ: إنْ كَانَ عَمَلًا يَعْطُبُ في مِثْلِهِ ضَمِنْتَ في قَوْلِ مَالِكٍ. .في الْأَجِيرِ يُسْتَعْمَلُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ: قَالَ: يَسْتَخْدِمُهُ كَمَا يَسْتَخْدِمُ النَّاسُ الْأُجَرَاءَ لِلَّيْلِ خِدْمَةٌ وَلِلنَّهَارِ خِدْمَةٌ وَخِدْمَةُ اللَّيْلِ مَا قَدْ عَرَفَهَا النَّاسُ مِنْ سَقْيِهِ الْمَاءَ لِلْمُؤَاجِرِ وَمِنْ قِيَامِهِ اللَّيْلَ يُنَاوِلُهُ لِحَافًا وَمَا أَشْبَهَ هَذَا فَإِمَّا أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ خِدْمَةً تَمْنَعُهُ النَّوْمَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَعْرِضَ لَهُ الْحَاجَةُ هِيَ مِنْ خِدْمَةِ الْعَبْدِ الْمَرَّةِ بَعْدَ الْمَرَّةِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فيهَا في بَعْضِ لَيْلِهِ وَإِنَّمَا هَذَا عَلَى مَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ وَلَا أَحْفَظُهُ، وَسَمِعْتُ مَالِكًا يُسْأَلُ عَنْ الْعَبِيدِ يُسْتَعْمَلُونَ النَّهَارَ، فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ اسْتَطْحَنُوهُمْ أَتَرَى ذَلِكَ يَنْبَغِي؟ قَالَ: إنَّ مِنْ الْأَعْمَالِ أَعْمَالًا يُجْهَدُ الْعَبِيدُ فيهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْدَحُوا بِعَمَلِ اللَّيْلِ أَيْضًا؟ قَالَ: وَمِنْ الْعَبِيدِ عُبَيْدٌ إنَّمَا أَعْمَالُهُمْ خَفيفَةٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَطْحِنُوهُمْ بِاللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُفْدَحُوا بِذَلِكَ يَطْحَنُ الْعَبْدُ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. قَالَ: وَالْخَدَمُ هَاهُنَا عِنْدَنَا يَعْمَلُونَ الْعَمَلَ الْخَفيفَ يَسْتَقُونَ بِالنَّهَارِ وَرُبَّمَا طَحَنُوا بِاللَّيْلِ فَقِيلَ لَهُ: هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ عَلَى الدَّرَانِيقِ يَطْلُعُونَ وَيَنْزِلُونَ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ الْعَمَلُ. قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ شَدِيدُ جَهْدٍ قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ النَّاسُ فيمَا مَضَى يَجُرُّونَ عَلَى رِقَابِهِمْ وَعَلَى الْإِبِلِ وَهَذَا الدَّرْنُوقُ عَمَلٌ ثَقِيلٌ رُبَّمَا أَيْضًا هَلَكَ فيهِ بَعْضُهُمْ. .في الْأَجِيرِ يُسَافَرُ بِهِ: قَالَ: لَا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ الْأَجِيرَ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهُ في مَنْزِلِهِ أَوْ يَبْعَثَهُ في سَفَرِهِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ أَوْ يَرْحَلَ بِهِ إنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ أَوْ يَحْرُثَ لَهُ أَوْ يَحْصُدَ لَهُ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ. قَالَ: أَمَّا كُلُّ عَمَلٍ كَانَ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا أَوْ يَكُونَ بَعْضُهُ قَرِيبًا مِنْ بَعْضٍ مِثْلَ كَنِيسِ الْبَيْتِ أَوْ الْعَجِينِ أَوْ الْخُبْزِ وَمَا أَشْبَهَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَأَمَّا إنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَهُ في سَفَرٍ أَوْ يَحْرُثَ لَهُ أَرْضًا أَوْ يَعْمَلَ لَهُ في الْبَيْتِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا خَيْرَ فيهِ إذَا تَبَاعَدَ مَا بَيْنَ هَذِهِ الْأَعْمَالِ هَكَذَا فَلَا خَيْرَ فيهِ إذَا تَبَاعَدَ مَا بَيْنَ هَذِهِ الْأَعْمَالِ؛ لِأَنَّ كِرَاءَ هَذَا لَيْسَ مِثْلَ كِرَاءِ هَذَا وَيَدْخُلُهُ الْمُخَاطَرَةُ، وَلَوْ قَصَدَ بِهِ قَصْدًا ثِقَلَ تِلْكَ الْأَعْمَالِ لَمْ يَرْضَ سَيِّدُ الْعَبْدِ أَنْ يُؤَاجِرَهُ في ذَلِكَ الْعَمَلِ بِعَيْنِهِ بِمِثْلِ مَا آجَرَهُ في غَيْرِهِ فَهَذَا مِنْ الْمُخَاطَرَةِ وَالْغَرَرِ. .في الرَّجُلِ يُؤَاجِرُ عَبْدَهُ، ثُمَّ يَبِيعُهُ أَوْ يَأْبَقُ فيرْجِعَ في بَقِيَّةٍ مِنْ الْإِجَارَةِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْإِجَارَةُ أَوْلَى. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ انْقَضَتْ الْإِجَارَةُ أَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ؟ قَالَ: إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ قَرِيبَةً الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَمَا أَشْبَهَهُ رَأَيْتُ الْبَيْعَ جَائِزًا، وَإِنْ كَانَ الْأَجَلُ بَعِيدًا رَأَيْتُ أَنْ يُفْسَخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بَعْدَ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ في الْعَبْدِ: يُبَاعُ عَلَى أَنْ يُقْبَضَ إلَى شَهْرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت عَبْدًا فَأَبَقَ، ثُمَّ رَجَعَ في بَقِيَّةٍ مِنْ الْمُدَّةِ أَتَكُونُ الْإِجَارَةُ لَازِمَةً في بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ الَّتِي رَجَعَ فيهَا؟ قَالَ: نَعَمْ مِثْلُ مَا قَالَ مَالِكٌ في الْمَرِيضِ إذَا بَرِئَ في بَقِيَّةٍ مِنْ الْمُدَّةِ وَقَالَ غَيْرُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فُسِخَ ذَلِكَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت عَبْدًا فَأَبَقَ أَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: فَإِنْ رَجَعَ في بَقِيَّةٍ مِنْ وَقْتِ الْإِجَارَةِ أَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: يَرْجِعُ في الْإِجَارَةِ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ سَنَةً لِيَخْدُمَنِي فَهَرَبَ الْعَبْدُ مِنْ يَدَيَّ في دَارِ الْحَرْبِ؟ قَالَ: تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فيمَا بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَرْجِعَ الْعَبْدُ في بَقِيَّةٍ مِنْ وَقْتِ الْإِجَارَةِ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ هَرَبَ السَّيِّدُ؟ قَالَ: الْإِجَارَةُ بِحَالِهَا لَا تُنْتَقَضُ. .في الرَّجُلِ يُؤَاجِرُ أُمَّ وَلَدِهِ في الْخِدْمَةِ: قَالَ: لَا. .في الْعَبْدِ يُؤَاجَرُ ثُمَّ يُوجَدُ سَارِقًا: قَالَ: نَعَمْ كَذَلِكَ هَذَا عِنْدِي في الْبُيُوعِ، وَالْإِجَارَةُ مِثْلُهُ سَوَاءٌ. .في الْأَجِيرِ يَسْتَأْجِرُ الرَّجُلَ يَرْعَى غَنَمَهُ بِأَعْيَانِهَا فيرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا: قَالَ: لِهَذَا وُجُوهٌ إنْ كَانَ إنَّمَا اسْتَأْجَرَهُ في غَنَمٍ كَثِيرَةٍ يَعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ إنَّمَا يُسْتَأْجَرُ عَلَى كِفَايَتِهَا وَأَنَّهُ لَا يَقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَعَهَا غَيْرَهَا إلَّا أَنْ يُدْخِلَ مَعَهُ مَنْ يَرْعَى مَعَهُ فيقْوَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا فيكُونَ ذَلِكَ لَهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَسْتَأْجِرُ عَلَى الشَّيْءِ الْيَسِيرِ مِنْ الْغَنَمِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَضُمَّ مَعَهَا غَيْرَهَا إلَّا أَنْ يَكُونُوا اشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا. قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلِ الْمَالَ الْقِرَاضَ فيرِيدُ الْمُقَارِضُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَيْرِهِ أَذَلِكَ لَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَالًا كَثِيرًا يَخَافُ عَلَيْهِ إذَا أُدْخِلَ مَعَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَقْوَ عَلَى ذَلِكَ وَيَخَافُ عَلَى مَا أَخَذَ الضَّيْعَةَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ. قَالَ مَالِكٌ: وَإِنِّي لَأَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الرَّجُلِ الْمَالَ الْقِرَاضَ الَّذِي مِثْلُهُ لَا يَشْتَغِلُ الرَّجُلُ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ فيشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْ أَحَدٍ غَيْرَهُ مِثْلَ الْمَالِ الْقَلِيلِ. قُلْت: لِمَ أَجَزْتَ في الْغَنَمِ أَنْ يَشْتَرِطُوا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا؟ قَالَ: لِأَنَّهُمْ اسْتَأْجَرُوهُ عَلَيْهَا فَتِلْكَ إجَارَةٌ وَالْقِرَاضُ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ فَقَدْ دَخَلَهُ اشْتِرَاطُ مَا لَا يَنْبَغِي؟ قَالَ لِي مَالِكٌ: وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَكَارَى الرَّجُلَ إلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ بِأَمْرٍ مَعْرُوفٍ يَذْهَبُ لَهُ بِبَزٍّ إلَى أَفْرِيقِيَّةَ وَمَا أَشْبَهَهَا يَبِيعُهُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ تَأْخُذُ هَذَا الْمَالَ قِرَاضًا تَشْتَرِي بِهِ مَتَاعًا لِي مِنْ أَفْرِيقِيَّةَ أَوْ تَخْرُجُ بِهِ إلَى أَفْرِيقِيَّةَ لَمْ يَصْلُحْ، وَلَمْ يَكُنْ فيهِ خَيْرٌ؟ فَقَالَ لِي مَالِكٌ: يُعْطِيهِ ذَهَبَهُ ثُمَّ يَقُودُهُ كَمَا يَقُودُ الْبَعِيرَ لَا خَيْرَ في ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ تِجَارَةً دُونَ أَفْرِيقِيَّةَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَشْتَرِيَهَا فَإِنْ اشْتَرَاهَا ضَمِنَ وَلَيْسَ هَكَذَا الْقِرَاضُ فَلَا خَيْرَ فيهِ، وَلَهُ أَنْ يَنْهَاهُ أَنْ لَا يَخْرُجَ بِمَالِهِ الَّذِي قَارَضَهُ بِهِ إلَى بَلَدٍ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ إلَى بَلَدٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ هَذَا الْأَجِيرَ الَّذِي اسْتَأْجَرْتُهُ يَرْعَى غَنَمِي هَذِهِ بِأَعْيَانِهَا أَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَرْعَى غَنَمَهُ هَذِهِ بِأَعْيَانِهَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ مَاتَتْ أَخْلَفَ لَهُ غَيْرَهَا فَلَا خَيْرَ في هَذِهِ الْإِجَارَةِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنَّهَا إنْ مَاتَتْ أَخْلَفَ لَهُ غَيْرَهَا فَتَكُونُ الْإِجَارَةُ جَائِزَةً. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْته يَرْعَى لِي مِائَةَ شَاةٍ وَشَرَطْت عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا فَآجَرَ نَفْسَهُ يَرْعَى غَيْرَهَا لِمَنْ الْأُجْرَةُ الَّتِي آجَرَ بِهَا نَفْسَهُ؟ قَالَ: لِرَبِّ الْغَنَمِ الَّذِي شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْعَى مَعَهَا غَيْرَهَا، وَكَذَلِكَ الْأَجِيرُ يَسْتَأْجِرُهُ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَخْدِمَهُ شَهْرًا فيؤَاجِرَ نَفْسَهُ الْأَجِيرَ يَوْمًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَكُونُ لِلَّذِي اسْتَأْجَرَهُ؛ لِأَنَّ خِدْمَتَهُ كَانَتْ لِلَّذِي اسْتَأْجَرَهُ؟ قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ في الْأَجِيرِ. وَقَالَ غَيْرُهُ في صَاحِبِ الْمِائَةِ بِشَاةٍ: إنْ آجَرَ نَفْسَهُ يَرْعَى غَيْرَهَا فَلَيْسَ لِرَبِّ الْغَنَمِ مِنْ إجَارَتِهِ شَيْءٌ إذَا لَمْ يُدْخِلْ عَلَى صَاحِبِ الْمِائَةِ شَاةً مُضِرَّةً في الرَّعْيِ وَأَنَّهُ لَمْ يَشْتَغِلْ عَنْهَا. قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ: لَا أُرِيدُ إجَارَتَهُ، وَلَكِنْ حُطُّوا عَنِّي إجَارَةَ هَذَا الْيَوْمِ؟ قَالَ: أَرَى ذَلِكَ لَهُ إنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ إجَارَتَهُ تِلْكَ الَّتِي آجَرَ بِهَا نَفْسَهُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ إجَارَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا يَكُونَ لَهُ مِنْ الَّذِي أَخَذَ الْأَجِيرَ شَيْءٌ فَذَلِكَ لَهُ. .في الْأَجِيرِ يَسْتَأْجِرُهُ الرَّجُلُ لِيَرْعَى غَنَمًا بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا أَوْ بِأَعْيَانِهَا: قَالَ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. قُلْت: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَعْيَانِهَا، فَهِيَ إذَا تَمُوتُ كَانَ لَكَ أَنْ تَأْتِيَ بِمِائَةٍ مَكَانَهَا يَرْعَاهَا لَكَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمْ تَقَعْ عَلَى غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا. قُلْت: فَإِذَا كَانَتْ مِائَةً بِأَعْيَانِهَا؟ قَالَ: قَدْ أُخْبِرْتُكَ أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ في هَذَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّهَا إنْ تَمُوتُ أَوْ بَاعَهَا أَتَى بِمِائَةٍ مَكَانَهَا يَرْعَاهَا لَهُ. .(في الرَّجُلِ يَسْتَأْجِرُ الْأَجِيرَ لِيَرْعَى غَنَمَهُ فيأْتِي الرَّاعِي بِغَيْرِهِ): قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت أَجِيرًا يَرْعَى لِي غَنَمِي هَذِهِ فَأَتَانِي بِغَيْرِهِ يَرْعَى مَكَانَهُ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا رَضِيَ أَمَانَتَهُ رَبُّ الْغَنَمِ وَجَزَاءَهُ وَكِفَايَتَهُ وَأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَأْجَرَهُ بِبَدَنِهِ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَلَوْ رَضِيَ رَبُّ الْغَنَمِ بِذَلِكَ لَكَانَ حَرَامًا. .في الْأَجِيرِ الرَّاعِي يَسْقِي الرَّجُلَ مِنْ لَبَنِ الْغَنَمِ: قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَمُرُّ بِالرَّاعِي فيسْتَسْقِيهِ مَنْ لَبَنِ الْغَنَمِ أَوْ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ فيسْقِيهِ. قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ. .في الْأَجِيرِ يَرْعَى غَنَمًا بِأَعْيَانِهَا فَتَتَوَالَدُ أَوْ يُزَادُ فيهَا: قَالَ: أَرَى أَنْ يَنْظُرَ في كِرَاءِ النَّاسِ في ذَلِكَ الْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ سُنَّةٌ يَحْمِلُونَ عَلَيْهَا قَدْ عَرَفُوا ذَلِكَ أَنَّهَا إذَا تَوَالَدَتْ فَأَوْلَادُهَا مَعَهَا رَأَيْتُ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ وَتَكُونُ الْإِجَارَةُ لَازِمَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ سُنَّةٌ يَحْمِلُونَ عَلَيْهَا لَمْ أَرَ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ في ذَلِكَ تَعَبًا وَزِيَادَةً يَزْدَادَهَا عَلَيْهِ في رِعَايَتِهَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت رَاعِيًا يَرْعَى لِي هَذِهِ الْغَنَمَ بِأَعْيَانِهَا وَشَرَطْت أَنَّ مَا مَاتَ مِنْهَا أَبْدَلَتْهُ أَيَكُونُ لِي أَنْ أَزِيدَ فيهَا؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَزِيدَ فيهَا في قَوْلِ مَالِكٍ. .في تَضْمِينِ الرَّاعِي: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ إلَّا فيمَا تَعَدَّوْا أَوْ فَرَّطُوا. قُلْت: وَسَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ إنْ كَانَ هَذَا الرَّاعِي إنَّمَا أَخَذَ مِنْ هَذَا عِشْرِينَ شَاةً وَمَنْ هَذَا مِائَةَ شَاةٍ فَجَمَعَ أَغْنَامَ النَّاسِ فَكَانَ يَرْعَاهَا أَوْ رَجُلٌ اسْتَأْجَرْتُهُ عَلَى أَنْ يَرْعَى غَنَمِي هَذِهِ، أَهُمَا سَوَاءٌ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هُمَا سَوَاءٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا إلَّا فيمَا تَعَدَّيَا أَوْ فَرَّطَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا سُرِقَتْ الْغَنَمُ هَلْ يَكُونُ عَلَى الرَّاعِي ضَمَانٌ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ ضَيَّعَ أَوْ تَعَدَّيْ أَوْ فَرَّطَ. قُلْت: وَالْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالدَّوَابُّ فيمَا سَأَلْتُكَ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الرَّاعِي مِثْلُ الْغَنَمِ سَوَاءٌ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْأَجِيرِ الرَّاعِي ضَمَانُ شَيْءٍ مِنْ رَعِيَّتِهِ، إنَّمَا هُوَ مَأْمُونٌ فيمَا هَلَكَ أَوْ ضَلَّ يُؤْخَذُ يَمِينُهُ عَلَى ذَلِكَ الْقَضَاءِ عِنْدَنَا. ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ ضَمَانٌ في سَائِمَةٍ دُفِعَتْ إلَيْهِ يَرْعَاهَا إلَّا يَمِينَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَاعَ أَوْ انْتَحَرَ، فَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَدُفِعَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَيْسَ عَلَى سَيِّدِهِ فيهِ غُرْمٌ وَلَا في شَيْءٍ مِنْ رَقَبَةِ الْعَبْدِ ابْنُ وَهْبٍ، وَأَخْبَرَنِي رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَشُرَيْحٍ الْكِنْدِيِّ وَبُكَيْرٍ مِثْلَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِإِهْلَاكِهِ مُتَعَدِّيًا. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الْأَجِيرِ الرَّاعِي في الْمَالِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ مِمَّا تَقِلُّ إجَارَتُهُ وَتَعْظُمُ غَرَامَتُهُ؟ قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يُضَمِّنُ الْأَجِيرَ الْحَيَوَانَ، وَلَيْسَ عَلَى الرَّاعِي ضَمَانٌ إنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى الصُّنَّاعِ. قَالَ: وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ الرَّاعِي ضَمَانٌ مَا دُفِعَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ انْتَحَرَ شَيْئًا مِمَّا دُفِعَ إلَيْهِ. .في الْأَجِيرِ الرَّاعِي يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَيَكُونُ لَهُ كِرَاءُ مِثْلِهِ مِمَّنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فيمَا تَلِفَ. قُلْت: فَإِنْ كَانَ كِرَاءُ مِثْلِهِ أَكْثَرَ مِمَّا اكْتَرَاهُ بِهِ عَلَى الضَّمَانِ؟ قَالَ: ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّوْا لَهُ، وَإِنْ هَلَكَتْ الْغَنَمُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ في ذَلِكَ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ إجَارَةَ مِثْلِهِ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَهَا مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى مَا رَضِيَ بِهِ، وَمَعَ هَذَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ إجَارَةَ مِثْلِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ أَكْثَرُ مِنْ إجَارَةِ مِثْلِهِ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الرَّاعِي يَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَرْبَابُ الْغَنَمِ أَنَّ مَا مَاتَ مِنْهَا أَتَى الرَّاعِي بِسَمْتِهِ وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا اشْتَرَطُوا عَلَى الرَّاعِي أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهَا فَهُوَ ضَامِنٌ. قَالَ مَالِكٌ: فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، فَهَذَا يُشْبِهُ مَسْأَلَتَكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاعِي وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِسَمْتِهَا فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. .في الرَّاعِي يَذْبَحُ الْغَنَمَ إذَا خِيفَ عَلَيْهَا الْمَوْتُ: قَالَ: لَا يَضْمَنُ. قُلْت: وَيُصَدَّقُ في أَنَّهَا كَادَتْ أَنْ تَمُوتَ فَتَدَارَكَهَا بِالذَّبْحِ؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا أَتَى بِهَا مَذْبُوحَةً. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ ضَامِنٌ لِمَا انْتَحَرَ. .في دَعْوَى الرَّاعِي: قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ: ذَبَحْتُهَا فَسُرِقَتْ مِنِّي مَذْبُوحَةٌ أَيُصَدَّقُ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: سُرِقَتْ مِنِّي وَهِيَ صَحِيحَةٌ صَدَّقْتُهُ فَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: ذَبَحْتُهَا فَسُرِقَتْ مِنِّي، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ في الرَّاعِي يَقُولُ: سُرِقَتْ الْغَنَمُ مِنِّي أَنَّهُ مُصَدَّقٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ ضَامِنٌ بِالذَّبْحِ. .في الرَّاعِي يَتَعَدَّى: قَالَ: أَرَاهُ ضَامِنًا، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَطْت عَلَى الرَّاعِي أَنْ لَا يَرْعَى غَنَمِي إلَّا في مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فَرَعَاهَا في مَوْضِعٍ سِوَى ذَلِكَ أَيَضْمَنُ أَمْ لَا؟ قَالَ: أَرَاهُ ضَامِنًا. قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ الرَّاعِي إذَا خَالَفَ فَضَمِنَ أَيُّ الْقِيمَتَيْنِ تُضَمِّنُهُ أَقِيمَتَهَا يَوْمَ أَخَذَهَا أَوْ قِيمَتُهَا يَوْمَ خَالَفَ بِهَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في الرَّجُلِ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ فيتَعَدَّى عَلَيْهَا. قَالَ مَالِكٌ: تُقَوَّمُ عَلَيْهِ في الْمَوْضِعِ الَّذِي تَعَدَّى عَلَيْهَا فيهِ وَلَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ يَوْمَ أَخَذَهَا فَكَذَلِكَ الْغَنَمُ إنَّمَا يَكُونُ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا يَوْمَ تَعَدَّى فيهَا وَيَكُونُ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا رَعَاهَا إلَى يَوْمِ تَعَدَّى فيهَا. .في اسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ: قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِمْ طَعَامَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِمْ كِسْوَتَهَا؟ قَالَ: هَذَا جَائِزٌ كُلُّهُ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: فَهَلْ يَكُونُ لِزَوْجِهَا أَنْ يَطَأَهَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا آجَرَتْ نَفْسَهَا ظِئْرًا بِإِذْنِ زَوْجِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا. قُلْت: فَإِنْ آجَرَتْ نَفْسَهَا ظِئْرًا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا أَيَكُونُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَفْسَخَ إجَارَتَهَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: فَأَيْنَ تُرْضِعُهُ الظِّئْرَ؟ قَالَ: حَيْثُ اشْتَرَطُوا. قُلْت: فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطُوا مَوْضِعًا؟ قَالَ: الْعَمَلُ عِنْدَنَا أَنَّهَا تَرْضِعُ الصَّبِيَّ عِنْدَ أَبَوَيْهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً مِثْلَهَا لَا يَرْضَعُ في بُيُوتِ النَّاسِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ هُوَ دَنِيءُ الشَّأْنِ، فَإِنْ طَلَبَ مِثْلَ هَذَا أَنْ تَرْضِعَ صَبِيَّهُ عِنْدَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا خَطْبَ لَهُ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ في هَذَا إلَى فِعْلِ النَّاسِ. قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ الظُّئُورَةَ هَلْ عَلَيْهِمْ عَمَلُ الصِّبْيَانِ غَسْلُ خَرْقِهِمْ وَدَقُّ رَيْحَانِهِمْ وَدَهْنِهِمْ وَحَمِيمِهِمْ وَتَطْيِيبِ الصَّبِيِّ؟ قَالَ: إنَّمَا يَحْمِلُونَ مِنْ هَذَا عَلَى مَا يَعْمَلُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ. قُلْت: أَسَمِعْتَهُ مِنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنَّ مَالِكًا قَالَ في الْأُجَرَاءِ: يَحْمِلُونَ مِنْ هَذَا عَلَى عَمَلِ النَّاسِ بَيْنَهُمْ فَأَرَى هَذَا أَيْضًا يُحْمَلُ عَلَى مَا يُعْرَفُ مِنْ أَمْرِ الظُّئُورَةِ عِنْدَهُمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ حَمَلَتْ هَذِهِ الْمُرْضِعُ فَخَافُوا عَلَى الصَّبِيِّ أَيَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا الْإِجَارَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنَّهُ رَأْيِي. قُلْت: لِمَ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا الْإِجَارَةَ وَلَا يُلْزِمُوهَا أَنْ تَأْتِيَ بِمَنْ تُرْضِعُ هَذَا الصَّبِيَّ؟ قَالَ: لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَكْتَرَوْهَا بِعَيْنِهَا عَلَى أَنْ تُرْضِعَ لَهُمْ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَرَادُوا سَفَرًا فَأَرَادُوا أَخْذَ صَبِيِّهِمْ أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُمْ وَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُمْ أَنْ يَفْسَخُوا الْإِجَارَةَ وَإِنْ أَرَادُوا أَخْذَ صَبِيِّهِمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُوَفُّوهَا الْأُجْرَةَ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: هَذَا رَأْيِي. قُلْت: فَلَوْ مَاتَ الصَّبِيُّ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ مَاتَ الصَّبِيُّ انْقَطَعَتْ الْإِجَارَةُ فيمَا بَيْنَهُمَا، وَكَانَ لَهَا مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِ مَا أَرْضَعَتْ. قُلْت: وَلَا يَكُونُ لِوَالِدِ الصَّبِيِّ أَنَّهُ يُؤَاجِرُهَا أَنْ تُرْضِعَ غَيْرَ ابْنِهِ أَوْ يَأْتِيَ بِصَبِيٍّ سِوَى ابْنَهُ تَرْضِعُهُ وَيُكْمِلَ لَهَا الْأُجْرَةِ الَّتِي شَرَطَ لَهَا؟ قَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ وَلَا لَهَا إنْ طَلَبَتْهُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا آجَرَ دَابَّتَهُ مِنْ رَجُلِ فَرَكِبَهَا إلَى سَفَرٍ مَنْ الْأَسْفَارِ، فَأَرَادَ أَنْ يُكْرِيَهَا مَنْ غَيْرِهِ. قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ؟ قَالَ: فَقُلْت لِمَالِكٍ: إنَّهُ يَكْرِيَهَا مِمَّنْ يُشْبِهُهُ في خِفَّتِهِ وَثِقَلِهِ وَأَمَانَتِهِ. قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يُكْرِي الرَّجُلَ الدَّابَّةَ لِمَا يَعْرِفُ مِنْ نَاحِيَةِ رِفْقِهِ وَحُسْنِ قِيَامِهِ وَقَدْ تَجِدُ الرَّجُلَ لَعَلَّهُ مِثْلُهُ في الْأَمَانَةِ، وَالْحَالُ لَا يَكُونُ لَهُ مِنْ الرِّفْقِ مِثْلُ مَا لِصَاحِبِهِ. قَالَ: فَلَمْ أَرَهُ يَجْعَلُهُ مِثْلَ كِرَاءِ الْحُمُولَةِ وَلَا الدَّارِ وَلَا كِرَاءِ السَّفينَةِ. قَالَ: في هَذَا كُلِّهِ يُكْرِيَهُ في حُمُولَةٍ مِثْلَ حُمُولَتِهِ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اكْتَرَى إلَيْهِ وَالدَّارُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ فيسْكُنُ، وَالْمُرْضِعُ عِنْدِي مِثْلَ مَنْ اكْتَرَى لِيَرْكَبَ هُوَ نَفْسُهُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ هَذَا الَّذِي اكْتَرَى هَذِهِ الدَّابَّةَ لَيَرْكَبَهَا هُوَ نَفْسُهُ وَخَرَجَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ مَعَ دَابَّتِهِ فَأَرَادَ الْمُكْتَرِي أَنْ يَحْمِلَ عَلَى الدَّابَّةِ مَنْ هُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ وَأَخَفُّ؟ قَالَ: إنَّمَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ مَا أَخْبَرْتُكَ بِهِ أَنَّهُ لَا يُجِيزُهُ. قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: قَدْ كَانَ هَهُنَا رَجُلٌ بِالْمَدِينَةِ يُكْرِيَنِي رَاحِلَتَهُ زَمَانًا لَا يَعْدُونِي إلَى غَيْرِي فيهَا، فَلَيْسَ النَّاسُ كَالْحُمُولَةِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ رَأْيِي، فَإِنْ أَكْرَاهَا لَمْ أَفْسَخْهُ. قُلْت: أَرَأَيْتَ امْرَأَةً آجَرَتْ نَفْسُهَا تُرْضِعُ صَبِيًّا لِقَوْمٍ، وَلَيْسَ مِثْلُهَا يُرْضِعُ لِشَرَفِهَا وَغِنَاهَا أَيَكُونُ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ الْإِجَارَةَ في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَيْسَ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ قَدْ لَزِمَتْهَا. قُلْت: لِمَ لَا يَكُونُ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ وَهِيَ مِمَّنْ لَا تُرْضِعُ وَلَدَهَا إلَّا أَنْ تَشَاءَ، وَكَيْفَ لَا يَكُونُ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ وَهِيَ مِمَّنْ لَا تُرْضِعُ وَهِيَ تَقُولُ: إنِّي أَسْتَحِي وَلَيْسَ مِثْلِي يُرْضِعُ وَإِنْ كُنْتُ آجَرْتُ نَفْسِي؟ قَالَ: إذَا آجَرَتْ نَفْسَهَا فَذَلِكَ لَهَا لَازِمٌ وَلَا يُنْظَرُ إلَى شَرَفِهَا في الْإِجَارَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا إذَا كَانَتْ ذَاتَ شَرَفٍ قِيلَ لَهَا: لَيْسَ مِثْلُكِ يُرْضِعُ إلَّا أَنْ تَشَائِي، فَإِنْ شِئْتِ ذَلِكَ لَمْ تُمْنَعِي فَهِيَ إذَا شَاءَتْ أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهَا كَانَ ذَلِكَ لَهَا، فَكَذَلِكَ إذَا آجَرَتْ نَفْسَهَا، فَقَدْ شَاءَتْ الْإِجَارَةَ فَلَا تُفْسَخُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ وَالْإِجَارَةُ لَهَا لَازِمَةٌ. قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا وَهُوَ رَأْيِي. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ مَرِضَتْ هَذِهِ الظِّئْرُ أَيَكُونُ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ الْإِجَارَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ إنْ كَانَ مَرَضًا لَا تَسْتَطِيعُ مَعَهُ الرَّضَاعَ، فَإِنْ صَحَّتْ في بَقِيَّةٍ مِنْ وَقْتِ الْإِجَارَةِ خُيِّرَتْ عَلَى أَنْ تُرْضِعَ مَا بَقِيَ وَكَانَ لَهَا مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا أَرْضَعَتْ وَيُحَطُّ مِنْ إجَارَتِهَا بِقَدْرِ مَا لَمْ تُرْضِعْ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ في الْأَجِيرِ إذَا اُسْتُؤْجِرَ سَنَةً: أَنَّهُ إذَا مَرِضَ بَعْضَ السَّنَةِ، ثُمَّ صَحَّ في بَقِيَّةِ السَّنَةِ أَنَّهُ يَخْدُمُ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْدُمَ مَا مَرِضَ، وَلَكِنْ يُحَطُّ عَنْهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا مَرِضَ وَكَذَلِكَ هَذِهِ الظِّئْرُ عِنْدِي، فَإِنْ مَرِضَتْ حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَتَانِ الَّتِي كَانَتَا وَقْتًا لَهَا، فَلَا تَعُودُ إلَى الرَّضَاعَةِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْإِجَارَةِ قَدْ مَضَى، وَقَالَ غَيْرُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فُسِخَ الْكِرَاءُ بَيْنَهُمَا فَلَا تَعُودُ عَلَيْهِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت ظِئْرًا تُرْضِعُ لِي صَبِيَّيْنِ سَنَتَيْنِ فَأَرْضَعَتْهُمَا لِي سَنَةً، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا؟ قَالَ: يُوضَعُ عَنْ الْأَبَوَيْنِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ رَضَاعِ هَذَا الْمَيِّتِ وَذَلِكَ رُبْعُ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ قَدْ أَوْفَتْهُمَا في السَّنَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْ لَهُمْ وَبَقِيَ نِصْفُ الْإِجَارَةِ فَمَاتَ أَحَدُ الصَّبِيَّيْنِ فَبَطُلَ نِصْفُ النِّصْفِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَهُوَ رُبْعُ الْجَمِيعِ، وَهَذَا رَأْيِي إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ فيحْمَلُ عَلَى رُخْصِ الْكِرَاءِ وَغَلَائِهِ في إبَّانِ تِلْكَ السَّنَتَيْنِ لَعَلَّهُ يَكُونُ لِلشِّتَاءِ كِرَاءٌ وَلِلصَّيْفِ كِرَاءٌ وَأَسْوَاقُهُ مُخْتَلِفَةٌ وَلِلصَّغِيرِ كِرَاءٌ وَلِلصَّبِيِّ إذَا تَحَرَّكَ كِرَاءٌ آخَرُ فيحْمَلُونَ عَلَى ذَلِكَ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ الْكِرَاءِ أَوْ الْإِجَارَةِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إذَا حَطَطْتُ عَنْ هَذِهِ الْمُرْضِعِ قَدْر مَا أَصَابَ هَذَا الصَّبِيُّ الَّذِي مَاتَ أَيَكُونُ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مَعَ صَبِيِّهِمْ الْبَاقِي صَبِيًّا غَيْرَهُ تُرْضِعَهُ بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: مَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا وَأَرَى ذَلِكَ لَهَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت امْرَأَةً تُرْضِعُ لِي صَبِيًّا فَأَرَادَتْ أَنْ تُؤَاجِرَ نَفْسَهَا تُرْضِعُ صَبِيًّا آخَرَ مَعَ صَبِيِّي أَيَجُوزُ هَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ وَلَا أَرَاهُ جَائِزًا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت ظِئْرَيْنِ يُرْضِعَانِ صَبِيًّا لِي فَمَاتَتْ إحْدَاهُمَا فَقَالَتْ الظِّئْرُ الْبَاقِيَةُ: لَا أُرْضِعُ وَحْدِي أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهَا أَمْ لَا؟ قَالَ: ذَلِكَ لَهَا أَنْ لَا تُرْضِعَ وَحْدَهَا. قُلْت: لِمَ وَقَدْ كَانَ جَمِيعُ لَبَنِهَا لَهُمْ أَرَأَيْتَ هَذِهِ الْبَاقِيَةِ هَلْ يَكُونُ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ صَبِيًّا غَيْرَ صَبِيِّهِمْ تُرْضِعَهُ مَعَ صَبِيِّهِمْ قَبْلَ مَوْتِ الَّتِي كَانَتْ مَعَهَا أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مَعَ صَبِيِّهِمْ صَبِيًّا غَيْرَهُ فَتُرْضِعَهُ. قُلْت: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مَعَ صَبِيِّهِمْ صَبِيًّا غَيْرَهُ فَقَدْ صَارَ جَمِيعُ اللَّبَنِ لَهُمْ فَلِمَ تُجْبِرُهَا عَلَى أَنْ تُرْضِعَ هَذَا الصَّبِيَّ وَحْدَهَا بِجَمِيعِ لَبَنِهَا؟ قَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا تَقُولُ: إنَّمَا كُنْتُ أَنَا وَصَاحِبَتِي، فَكَانَ لَا يُنْهِكُنِي، وَهُوَ الْآنَ يُنْهِكُنِي، وَكُنَّا نَتَعَاوَنُ في عَمَلِهِ فَقَدْ صَارَ الْعَمَلُ كُلُّهُ الْآنَ عَلَيَّ فَلَا أَرْضَى. قَالَ: وَكَذَلِكَ الْأَجِيرَانِ يَسْتَأْجِرُهُمَا الرَّجُلُ يَرْعَيَانِ لَهُ غَنَمَهُ أَوْ يَرْعَيَانِ لَهُ إبِلَهُ سَنَةً، فيمُوتَ أَحَدُهُمَا فيقُولُ الْأَجِيرُ الْآخَرُ: لَا أَرْعَاهَا وَحْدِي إنَّ ذَلِكَ لَهُ، وَكَذَلِكَ الظِّئْرَانِ إذَا اسْتَأْجَرَهُمَا فَمَاتَتْ إحْدَاهُمَا مِثْلُ الْأَجِيرَيْنِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت ظِئْرًا تُرْضِعُ لِي صَبِيًّا فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ مَا اسْتَأْجَرْتهَا اسْتَأْجَرْت مَعَهَا غَيْرَهَا فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْتَغْزِرَ اللَّبَنَ لِوَلَدِي فَمَاتَتْ الثَّانِيَةُ؟ قَالَ: عَلَى الْأُولَى أَنْ تُرْضِعَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَطَوَّعَ بِرَضَاعِ الثَّانِيَةِ عَلَى ابْنِهِ فَلَمَّا مَاتَتْ الثَّانِيَةُ ثَبَتَ الرَّضَاعُ كَمَا كَانَ عَلَى الْأُولَى. اهـ. قُلْت: فَلَوْ مَاتَتْ الْأُولَى؟ قَالَ: فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ مَعَ الثَّانِيَةِ بِمَنْ تُرْضِعُ مَعَهَا.
|